كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومهما حاولت هذه الحملات الاستتار تحت راية نشر الحضارة والتقدم في البلاد المستعمرة فإن الحقيقة التي لا تخفى على كل ذي لب أن الغرب بنى ولا يزال يبني علاقاته معنا على أساس أن الحروب الصليبية بيننا وبينهم لا تزال مستمرة وهاكم البراهين على ذلك:
فسياسة أمريكا معنا تخطط على هذا الأساس:
قال أيوجين روستو رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية ومساعد وزير الخارجية الأمريكية ومستشار الرئيس جونسون لشئون الشرق الأوسط حتى عام 1967:
يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية لقد كان الصراع محتدمًا ما بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى وهو مستمر حتى هذه اللحظة بصور مختلفة ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي.
إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا أنما هي جزء مكمل للعالم الغربي فلسفته وعقيدته ونظامه وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي بفلسفته وعقيدته المتمثلة بالدين الإسلامي ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها. اهـ.
وبالأمس وقف مندوب أمريكا في هيئة الأمم قائلًا: إن الصراع الحقيقي في الشرق ليس بين العرب واليهود إنما الصراع الحقيقي هو ما بين حضارة الإسلام وحضارة الغرب فإذا استطعنا أن نزيح حضارة الإسلام عن ميدان الصراع هان علينا تصفية القضية وسهل علينا الجمع ما بين العرب واليهود.
والحرب الصليبية الثامنة قادها اللنبي:
قال باترسون سمث في كتابه حياة المسيح الشعبية:
باءت الحروب الصليبية بالفشل لكن حادثًا خطيرًا وقع بعد ذلك حينما بعثت إنكلترا بحملتها الصليبية الثامنة ففازت هذه المرة إن حملة أللنبي على القدس أثناء الحرب العالمية الأولى هي الحملة الصليبية الثامنة والأخيرة.
ولذلك نشرت الصحف البريطانية صور أللنبي تحتها عبارته المشهورة التي قالها عندما فتح القدس: اليوم انتهت الحروب الصليبية ونشرت هذه الصحف خبرًا آخر يبين أن هذا الموقف ليس موقف أللنبي وحده بل هو موقف السياسة الإنكليزية كلها:
قالت الصحف: هنأ لويد جورج وزير الخارجية البريطاني الجنرال أللنبي في البرلمان البريطاني لإحرازه النصر في آخر حملة من الحروب الصليبية التي سماها لويد جورج: الحرب الصليبية الثامنة.
وقال ألان مورهيد مؤلف كتابي: النيل الأبيض والنيل الأزرق:
إن احتلال الإنكليز لمصر سنة 1881 كانت لمواجهة مؤامرة إسلامية خطيرة وتيار محمدي متعصب.
والفرنسيون أيضًا صليبيون:
فالجنرال غورو عندما تغلب على جيش ميسلون خارج دمشق توجه فورًا إلى قبر صلاح الدين الأيوبي عند الجامع الأموي وركله بقدمه قائلًا: ها قد عدنا يا صلاح الدين.
وقد صرح القائد الفرنسي بيبر كيلر:
إن مصالح فرنسا في الشرق الأوسط هي قبل كل شيء مصالح روحية وتعود هذه العلاقات إلى عهد الصليبيين حيث وقعت معاهدات لحفظ الأماكن المقدسة وجددت هذه المعاهدات على مر القرون وتحملت فيها فرنسا مهمة حماية نصارى الشرق. اهـ.
ويؤكد صليبية الفرنسيين ما قاله بيدو وزير خارجية فرنسا عندما زاره بعض البرلمانيين الفرنسيين وطلبوا منه وضع حد للمعركة الدائرة في مراكش فأجابهم: إنها معركة بين الهلال والصليب.
وفي ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر قال الحاكم الفرنسي في الجزائر:
إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن ويتكلمون العربية فيجب أن نزيل القرآن العربي من جودهم ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم.
وهذا هو الكاتب الفرنسي فرنسيس جانسون يعترف بأن الاحتلال الفرنسي للجزائر كان منذ البدء يحمل طابع الحروب الصليبية: التبشير والاستعمار.
وبعد سقوط القدس عام 1967.
قال راندولف تشرشل: لقد كان إخراج القدس من سيطرة الإسلام حلم المسيحيين واليهود على السواء إن سرور المسيحيين لا يقل عن سرور اليهود إن القدس قد خرجت من أيدي المسلمين وقد أصدر الكنيست اليهودي ثلاثة قرارات بضمها إلى القدس اليهودية ولن تعود إلى المسلمين في أية مفاوضات مقبلة ما بين المسلمين واليهود.
وعندما دخلت قوات إسرائيل القدس عام 1967م تجمهر الجنود حول حائط المبكى وأخذوا يهتفون مع موشى ديان: هذا يوم بيوم خيبر... يا لثارات خيبر.
وخرج أعوان إسرائيل بمظاهرات قبل حرب 1967 تحمل لافتات في باريس سار تحت هذه اللافتات اليهودي الوجودي جان بول سارتر وقد كتب عليها وعلى جميع صناديق التبرعات لإسرائيل جملة واحدة من كلمتين هما: قاتلوا المسلمين فالتهب الحماس الصليبي الغربي وتبرع الفرنسيون بألف مليون فرنك خلال أربعة أيام فقط كما طبعت إسرائيل بطاقات معايدة كتبت عليها: هزيمة الهلال بيعت بالملايين لتقوية الصهاينة الذين يواصلون رسالة الصليبية الأوربية في المنطقة وهي: محاربة الإسلام وتدمير المسلمين.
وهذا لورنس براون يقول: إن الإسلام هو الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوربي.
وهذا جلاد ستون رئيس وزراء إنكلترا وقد وقف في أواخر القرن الماضي في مجلس العموم البريطاني وقد أمسك بيمينه القرآن المجيد وصاح في أعضاء البرلمان قائلًا: إن العقبة الكئود أمام استقرارنا بمستعمراتنا في بلاد المسلمين هي شيئان ولابد من القضاء عليهما مهما كلفنا الأمر: أولهما هذا الكتاب وسكت قليلًا بينما أشار بيده اليسرى نحو الشرق وقال: وهذه الكعبة.
وقال أيضًا: ما دام هذا القرآن موجودًا في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق ولا أن تكون هي نفسها في أمان.
وهو القائل أيضًا: لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن.
وهذا كرومر يقول: جئت لأمحو ثلاثًا: القرآن والكعبة والأزهر.
وهذا القسيس زويمر يبشر المؤتمرين في مؤتمر القاهرة التبشيري 1906م الذي ناقش خطة تنصير العالم الإسلامي ويوصيهم بجملة وصايا كان آخرها: أن لا يقنطوا إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وإلى تحرير نسائهم.
وهذا جان بول رو يقول في كتابه الإسلام في الغرب: إن التأثير الغربي الذي يظهر في كل المجالات ويقلب رأس على عقب المجتمع الإسلامي لا يبدو في جلاء أفضل مما يبدو في تحرير المرأة. اهـ.
وفي تصريح لبن غوريون في الكنيست قال: اصبروا فلن يكون هناك سلام لإسرائيل ما دام العرب تحت قيادة الرجعيين إن الشرط الأساسي للسلام هو أن يقوم في البلدان العربية حكومات ديموقراطية تقدمية متحررة من التقاليد الإسلامية.
وبالأمس القريب نشرت مجلة الأمة أن رئيس أمريكا ريجان وجه إليه أحد الصحافيين سؤالًا نصه: متى تنتهي مهزلة ما يحدث في بيروت والدماء تنزف؟ فأجاب رئيس أمريكا في غرور واضح: إننا لا نزال صليبيين! ولابد من إنهاء المناوشات بين المسلمين واليهود وحماية أتباع المسيح في لبنان من المسلمين الغرباء.
بل هذه قلعة الشقيف القائمة على تل في جنوب لبنان ويسميها الأوربيون قلعة بوفور نسبة إلى القائد الذي أقامها أيام الحروب الصليبية منذ قرون وقد كانت محل قصف دائم من إسرائيل طيلة سنوات وفي اكتساحها للجنوب لم تتمكن من إخراج المقاومة منها إلا بعد أن دمرتها تمامًا واستدعى يومها الجنرال إيتان قائد الجيش الإسرائيلي مناحم بيجن إلى أطلال القلعة ليقدم له القلعة هدية وجاء بيجن ليرفع عليها العلم الإسرائيلي قائلًا: ها قد عدنا ناسيًا بذلك غزوه إلى الغزوات الأوربية التي أقامت ممالكها في تلك المنطقة قرونًا قبل أن يستردها العرب ومستخدمًا عبارة الجنرال غورو القائد الفرنسي حين احتل دمشق سنة 1920، ووقف أمام قبر صلاح الدين الأيوبي وقال: ها قد عدنا يا صلاح الدين.
ومن هنا: لم يكن عفوًا أن يبدأ المبشرون الصليبيون بمصر قلعة الإسلام الصامدة ومركز ثقله وموطن الأزهر.
ولم يكن عفوًا أن يكون قادة الغزو الصليبي الجديد لمصر من القساوسة المعروفين بكيدهم للإسلام والمسلمين أمثال دنلوب كاهن السياسة التعليمية الفاسدة التي زرعها في مصر لقطع صلة الأجيال بالإسلام وكرومر الحاكم البريطاني الذي أذل المصريين لمدة ربع قرن من الزمان والذي حرص على صياغة جيل من المثقفين ثقافة أوربية يقبل التعاون مع الاستعمار ويخلفه في حمل راية التفرنج بعد رحيل جيوشه حتى يضمن قهر الإسلام ويأمن بعث المسلمين من جديد بعد رحيله، الأمة العدد (31) السنة الثالثة.
وكلا الرجلين دنلوب وكرومر قد تخرجا من أكبر المدارس اللاهوتية في أوربا ولم يكن من المستغرب أيضًا أن ينشط لدعوة الحرية عامة وتحرير المرأة خاصة النصارى والشاميون المقيمون في مصر، فهؤلاء كانوا يعملون لنصرة أبناء دينهم أمثال: كرومر وزويمر ودنلوب وغورو واللنبي، وتصورهم الديني غارق في التثليث والعشاء الرباني وصكوك الغفران... لكن من المؤسف أن يصير في هذا الخط المدمر أناس من أبناء المسلمين أضلهم الشيطان على علم وعميت أبصارهم عن الحقيقة فكانوا خدامًا لأسيادهم وأولياء نعمتهم من الفرنج.
وكعناصر أي معركة: كانت القيادة صليبية والقاعدة أرض وطننا المسلم مصر والأسلحة بسطاء المسلمين ومستضعفيهم والعملاء الهواة منهم والمحترفون الحكام والقادة الفكريون يمارسون بأيديهم إبادة مقومات القوة في أمتنا ليسهلوا على العدو الخبيث المتربص التهامها.. وما أفظعها من مهمة يمارسها العملاء حين يدمرون أممهم ثم يدفعونها في فم الغول الاستعماري البشع ليلتهمها.. لقمة سائغة!
لقد استطاع أعداء الإسلام في تلك الحقبة أن يغرسوا في نفوس الكثير من المنهزمين أنهم ما أتوا إلا لتعمير بلادنا ونشر الحضارة والثقافة وجهل هؤلاء المنهزمون أن هؤلاء الأعداء الموتورين قد توارثوا الأحقاد على الإسلام وأنهم لا يألون جهدًا حتى يردونا عن ديننا إن استطاعوا.
كأن أنسالهم من بعدهم حلفوا ** أن يبعثوا الحقد نيرانًا وينتقموا

هذي حضارتهم والشر يملؤها ** ماتت على صرحها الأخلاق والشيم

والآن.. وبعد أن انكشفت لنا الحقائق جلية عن نوايا أعدائنا بنا وخططهم لتدميرنا وعن حقيقة هؤلاء الذين قامت على أكتافهم دعوة تحرير المرأة وسنكشف فيما بعد إن شاء الله عن حقيقة هؤلاء اللاتي طفن بأوربا وحججن إلى حضارتها وشددن الرحال إلى مؤتمراتها ومؤامراتها ثم عدن نائبات عن أسيادهن في مهمة تدمير المرأة المسلمة وبذلن كل فروض الطاعة والولاء الصريح لأعداء الإسلام وبخلن في الوقت نفسه بإظهار أي صورة من صور الولاء الحقيقي لله ولرسوله وللمؤمنين وجهر بعضهن بعد ذلك بالطعن في الدين والتبري مكن شريعة سيد المرسلين أفلا يحق لنا بعد هذا كله أن نتساءل:
ما سر العلاقة الودية الوثيقة التي تربط بين دعاة تحرير المرأة وبين القوى الاستعمارية والمعادية للإسلام وعلمائه ودعاته وأهله في كل مكان من العالم حولنا؟
إنه بالرغم من افتراض حسن النية أو الجهل عند من كان يظهر الإسلام من دعاة تحرير المرأة لكن هذا الافتراض لم يمنع بعض المحللين والباحثين حق الاجتهاد والبحث عن علاقة ما محتملة سرية أو علنية بين مخططات البهائية والصهيونية والماسونية ومسيرتها السرطانية الدؤوبة التي لا نشعر بها إلا بعد ظهور الأورام وتفشي الموت في الدم واللحم والعظم- وبين قيادات ودعاة السفور على مساحة ديار المسلمين الواسعة ومن أوقع نفسه في مواقع التهمة فلا يلومن من أساء الظن به.
فلنستصحب هذه المعاني ونحن نجول بين أعلام نسائية بارزة كان لها دور ما في معركة الحجاب والسفور ولنتأمل جيدًا دورهن كتلميذات للاستعمار ما منهن واحدة إلا ورحلت إلى هناك لتلقن أصول الدعوة المدمرة ثم عادت إلى هنا لنتبوأ مراكز التوجيه... متجردة من الولاء للإسلام والاعتزاز بأحكامه ومخلصة في عبادتها لأوربا بل فخورة باستعباد أوربا لها رافضة بلسان حاله وسلوكها ولحن قولها أن تجعل الإسلام منظار على عينيها ترى الأشياء من خلاله وتحكمه فيما هي عليه من عقيدة ومنهاج.